و اعجاز القراءن الكريم

نزل القرأن على قوم هم أرباب الفصاحة والبيان (العرب) فكان من الطبيعي أن يكون أول ما يسترعي انتباههم فيه: لغه وصياغه,وهي الناحيه التي برعوا فيها وتفوقوا , وأن ينصرف اهتمامهم فيها بعد الي االعنايه بهذه الناحيه (الأدبيه) أكثر من سواها.
وكان مما ترتب على ذلك أن يفهم (التحدى) فى قوله تعالي( قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرأن لا يأ تون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)سوره الاسرا 88
وبما أن القرأن نزل باللغه العربيه فاللغه التي يجب استخدامها - فى حال التحدي هي اللغه العربيه.

السؤال المطروح فى مواجهة هذا الفهم الان؟
نعلم ان القرأن تحدي الانس والجن , والانس هم العرب وغير العرب فإذا افترضنا أن القرأن قد تحدى العرب أرباب الفصاحهوالبيان ببلاغة وفصاحته وبيانه.

فما هو وجه التحدى بالنسبه لغير العرب؟ للفرنسي مثلا فهم من الانس اليسوا مشمولون بالتحدى؟ هل تحداهم الله أن يأتوا بمثل القرأن وباللغه العربيه؟ وإذا كان كذلك. الا يعنى أن الله تحداهم بشيء لا يعرفونه؟
هل عليهم تعلم اللغه العربيه؟ البعض يزعم ذلك. ويزيد . إن ذلك لن ينفعهم فما دام العرب وهم أرباب الفصاحة قد عجزوا عن معارضة القرأن فغيرهم (الفرنسيون) أعجز, وكذلك الجن .
لعل هذا الفهم (للاعجاز والتحدى) كان بين لفظين مهمين وردا فى القرأن الكريم .وهما: (القرأن) و (الذكر).
فالفهم السائد أن (الذكر)هو اسم من أسماء القرأن مرادف له فى المعنى, لا اختلاف بينهما,
(ومن أسماء القرأن , الفرقان, والذكر, والتنزيل....)
وهذا يدعونا للتساؤل هل (القرأن)و (الذكر) لفظان مترادفان؟
لقد تعهد الله بحفظ القرأن هذا ما نؤمن به دون أدنى شك. قال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحفظون)

السؤال هنا هل تعهد الله بحفظ القرأن فى الايه أم الذكر؟
الجواب : تعهد بحفظ ( الذكر)وليس القرأن لماذا؟
لان القرأن ليس بحاجه الىمثل هذا التعهدوالإخبار , القرأن عند الله,والمخلوقات لاتقدر على الوصول اليه, وبالتالي فإن الله سبحانه لم يقل انه سيحفظ القرأن لأن القرأن محفوظ أصلا وفى عالم الغيب,
قال تعالى
(إنه لقراءن كريم> في كتب مكنون< لايمسه إلا المطهرون)
ما القراءن الذي لايمسه الا المطهرون؟ هل هو الذي بين ايدينا على الارض (الذكر)؟ لا
فالذي بين أيدينا يمكن أن يمسه الطاهر وغير الطاهر القراءن الذي لايمسه الا المطهرون ليس على الارض أنه عند الله فى كتاب مكنون ومسه غير ممكن لأحد فى الدنيا.
اذا (الذكر) هو الذي بحاجه الي حفظ, ولهذا قال سبحانه( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ولم يقل نحن نزلنا القراءن وإنا له لحافظون , فما هو الذكر؟
الذكر هو القراءن ولكن ليس نسخه كربونيه عنه انه الصيغه اللغوية للقراءن (الموجود عند الله) ,
وهذا يعنى أن الأساس للقراءن الموجود بين ايدينا وهو الذكر) ليس عربيا مكتوب بأحرف اللغه العربيه التى نعرفها, المكتوب والمنطوق باللغه هو الذكر فحينما نلفظ الذكر ونعنى به القراءن فذلك من باب الى الاصل,
فالقراءن جعل عربيا قال تعالى( انا جعلنه عربيا لعلكم تعقلون)
وأنزل عربيا قال تعالى( إنا أنزلنه قراءنا عربيا لعلكم تعقلون)
لقد تم نقلة من صيغه غير مفهومه(علم الغيب)الى صوره قابله للفهم البشري(لعلكم تعقلون)وبدون عملية التحويل (الجمل) فالقراءن لن يكون مفهوما للناس نستطيع الان أن نعود لتوضيح مفهوم التحدى؟
قال تعالى ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على ان ياتوا بمثل هذا القراءن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا)
يجب الانتباه الى ان التحدي المطلوب فى الايه هو بمثل هذا القراءن)لم يقل سبحانه بمثل القراءن, لو جاءت الايه على هذا النحو بحذف كلمه (هذا) لكان المعنى أن الله يتحدي الانس والجن ان ياتوا بقراءن او ما يشبه كالقراءن الذى عند الله
وبصوره اخري فالتحدي سيكون بالقراءن الذي هو(كلمات الله) وهو قوانين الكون كلها وسيكون المطلوب ان يخلقوا كونا او يخلقوا انفسهم مثلا وهذا غير ممكن,
ولم يقا الله سبحانه(بمثل هذا الذكر)أيضا, فلو افترضنا ان التحدى كان بالذكروقد علمنا ان الذكر هو صياغهالقراءن بلغه قابله للفهم البشري وهى اللغه العربيه فبمعنى اخر التحدى سيكون موجها للعرب وحدهم ومقصور عليهم لانه بلغه عربيه وهي لغه الذكر, اذا فالتحدي لايشمل الاجناس الاخري من غير العربومن لا يعرف العربيه, لان التحدى لهؤلاء سيكون المطلبه بشيءلا يعرفونهولا يفهمونه ومن حقهم فى فى هذهالحاله ان يزعموا لو أن القراءن نزل بلغتهم لاستطاعوا ان يأتوا بمثله.
وهنا نلمس الدقه المتناهيه فى صياغه الايه(بمثل هذا القراءن) فكلمه ((هذا)) نفت ان يكون القراءن المقصود هنا هو القراءن الذي عند الله ,وحدد بوضوح ان المقصود هو هذا الذي فى الارض الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم وجاءت لفظة (القراءن)هنالتنفى ان يكون المقصود بالتحدي هو الذكر الصياغه باللغه العربيه ,فلو جاءت لفظه (الذكر) بدل لفظه(القراءن)فى الايه لقصر التحدي على العرب وباللغه العربيه,
ولذلك جاء التعبير القرأنيعن التحدي ب(بمثل هذا القراءن)ليفهم ان التحدي غير مشروط باللغه العربيه وليس من حاجه لغير العرب ان يتعلموا العربيه حتى يشملهم التحدى القراءن بال يتحدى الجميع كل واحد باللغه التى يعرفها العربي بالعربيه والفرنسي بالفرنسيه,,,
وهذا يقودنا الى تحديد مفهوم الاعجاز القراءن تكون الفصاحة والبلاغه فيه (الصياغه اللغويه الرفيعه المطلوبه من الجميع) وجها من وجوه إعجاز القراءن لا الاعجاز كله,
لقد حرص القراءن على ان لا يحدد وجوه إعجازة أو الناحية التى يتحدى الانس والجنفيها بل ترك ذلك للعقل والفكر ومعنى ذلك أنه كلما تطور العقل والفكر وتقدمت المعارف الانسانيه المختلفه صار بالامكان فهم معجزه القراءن بصوره أشمل من ذي قبل,ولذلك فإن من الخطاء ان يحاول البعض الوقوف بإعجاز القراءن عند وجه معين او زمن معين مكتفيا به عما سواة

ارجوا من الله ان لااكون اطلت